دخلت العلاقات بين مصر وحركة حماس مرحلة جديدة من التوتر، وسط تبادل الاتهامات بشأن إيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، في ظل مجاعة تلوح في الأفق نتيجة الحصار الإسرائيلي الممتد منذ شهور، كما أشار الكاتب حمزة هنداوي.
وفقًا لتقرير ذا ناشيونال، تصاعد الخلاف في وقت يتزايد فيه الضغط الشعبي داخل مصر، إذ دعا نشطاء ومتضامنون عبر مواقع التواصل السلطات إلى إعادة فتح معبر رفح، المنفذ الوحيد لغزة غير الخاضع للسيطرة الإسرائيلية، لتسهيل دخول الإغاثات.
أطلقت مصر وعدد من الدول الأخرى عمليات إنزال جوي للمساعدات نحو غزة، استجابة لتحذيرات الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة من مجاعة تلوح في الأفق نتيجة القيود الإسرائيلية. وفي خطاب تلفزيوني مفاجئ، أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي أن تنسيق إدخال المساعدات عبر رفح يتطلب موافقة إسرائيل، التي تسيطر على الجانب الفلسطيني من المعبر منذ مايو العام الماضي.
تدهورت العلاقة بين القاهرة وحماس بعد دعوة مصر وعدة دول عربية للحركة لنزع سلاحها وإنهاء سيطرتها الهشة على القطاع، في خطوة ترمي إلى إنهاء الحرب. وأثار الخلاف قلقًا إقليميًا، خاصة أن مصر تلعب دور الوسيط الرئيسي في مفاوضات التهدئة بين حماس وإسرائيل، بمشاركة قطر والولايات المتحدة.
رغم حظر مصر للجماعات الإسلامية، بما في ذلك حماس، واعتبارها تنظيمًا إرهابيًا من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، إلا أن الوساطة في الحروب السابقة قربت بين الطرفين نسبيًا.
تتهم إسرائيل حماس باحتكار المساعدات واستخدامها لأغراضها الخاصة، بينما تنفي الحركة وتتهم إسرائيل بافتعال الهجمات على شاحنات الإغاثة لتجويع الفلسطينيين وتشويه صورة الحركة.
أطلقت لجنة الطوارئ المركزية في غزة – الذراع الإنسانية لحماس – أولى الانتقادات ضد مصر، ووصفت روايتها بشأن المساعدات بأنها "ذريعة للتغطية على التقاعس الإنساني والأخلاقي والعربي تجاه غزة"، داعية مصر إلى اتخاذ موقف حاسم يدعم القطاع بدلًا من الحياد.
كرر القيادي في حماس خليل الحية الاتهامات، وكتب على قناة الحركة في تيليغرام: "يا شعب مصر، يا قيادتها وجيشها وعشائرها وأزهرها وكنائسها ونخبها: هل تتركون إخوتكم في غزة يموتون جوعًا وهم على مقربة منكم؟"
في المقابل، لم تُصدر الحكومة المصرية ردًا رسميًا، لكنها أوكلت الرد لوسائل الإعلام المؤيدة. أبرزها الإعلامي أحمد موسى، الذي أشار إلى ملايين الدولارات التي أنفقتها مصر على المساعدات ورعاية الجرحى الفلسطينيين. كما اتهم حماس بتدمير القضية الفلسطينية، محملًا إياها مسؤولية الحرب المستمرة منذ هجومها في أكتوبر 2023.
اندلعت مشادات حادة بين الوفد المصري وخليل الحية خلال جولات المفاوضات الأخيرة في قطر، التي انهارت الأسبوع الماضي. وبحسب مصادر دبلوماسية، وجهت القاهرة تحذيرات صارمة لحماس بوقف الانتقادات. ومن المتوقع أن تزور وفود من الحركة القاهرة هذا الأسبوع لاستئناف النقاشات.
تشير المصادر إلى أن المفاوضات متعثرة، إذ تصر حماس على الإفراج عن أكثر من 2000 أسير فلسطيني، بينهم نحو 300 محكومون بأحكام طويلة، في حين ترفض إسرائيل الإفراج عن بعض الأسماء البارزة وتعتبر العدد مرتفعًا. كما تطالب الحركة بتعديلات على إعادة انتشار القوات الإسرائيلية داخل غزة خلال فترة تهدئة مقترحة مدتها 60 يومًا، تشمل تغييرات طفيفة بمسافة لا تتجاوز 200 متر في بعض المناطق.
يرى مراقبون أن حماس أصبحت تفتقر إلى أوراق ضغط قوية بعد حرب قاربت على عامين، وهي اليوم تقاتل من أجل بقائها السياسي.
مرت العلاقة بين مصر وحماس بتقلبات منذ الألفينات، إذ اتهمت القاهرة الحركة بدعم متشددين في سيناء وتهريب أسلحة خلال فترة حكم الإخوان بعد 2011. كما دمرت مصر شبكة من الأنفاق التي كانت تستخدمها حماس لإدخال السلع والتخفيف من آثار الحصار.
اعتمدت حكومة حماس على الضرائب المفروضة على البضائع القادمة من تلك الأنفاق كمصدر دخل رئيسي، ومع تدميرها تفاقمت الأزمة الاقتصادية في غزة.
في ظل هذه الظروف، يبدو أن خلاف القاهرة وحماس يعكس فشلًا أوسع في معالجة الكارثة الإنسانية في غزة، وسط عجز إقليمي ودولي عن إنهاء الحرب المتواصلة.